الخرافه
الخرافة
بنيتُ عمارة كبيرة شامخة وآويتُ فيها من الوحوش ما لا يحُصى ولا يُعدّ. وكانتْ بعض الوحوش بشكل بشرٍ أسوياء مهذبين وعلماء مثقفين، وبعضهم رؤساء ومدراء وتجار..والبعض الآخر خطباء وشعراء..كل الوحوش التي إجتمعت تحت سقف عمارتي هم من ألد أعداء البشرية لا همَّ لهم غير سفك دماء الناس وتمزيق لحومهم ومن ثم الحصول على المال والثروة..
وأما أنا أبن الشيطان الذي ولدني قبل آلاف السنين لاُبقي الانسان في الظلامات، لهذا جمعتُ وحوشاً من أبناء البشر ليكونوا ضد البشر، كل أفعالهم بدافع الجهل المغلف بالعلم والمنال. أنا الخرافة التي تحارب نور المعرفة وتسوق الناس نحو حتفهم المُذل المرير المديد...
فأنا مَن صنع الاصنام وأسميتها أرباباً ولقد حاربها الانبياء والابرار لكنها مستمرة في حياتها بشكل وآخر ولن تموت وإن ضعفت..أنا و وحوشي نحرس الاصنام وننتفع بها سوية..أنا و وحوشي مَن كان ولم يزل يحرق كتب العلماء ونشهّر بمؤلفيها ونؤلب الناس عليهم...أنا و وحوشي مَن وشى بغاليله فأوصله حتى المنشقةِ، فتراجع غاليله وتراجع العلم وإنتصرنا قبالة العلم لفترة...
أنا الخرافة مع وحوشي الاعزاء من البشر الأدنياء دائماً وأبداً نخرفن الناس ونركب ظهورهم فنسلبهم عقولهم وأموالهم ونضحك منهم وهم راضون طيعون..لا بل تجد كثيرا منهم يصبحون ويمسون ينافح عنا..ونحن نستغربُ ولكن لا إستغراب لأن كيدنا محكمٌ وهم ضحية قوتنا في النهايةِ.
أنا الخرافة العمارة القديمة الجديدة الشامخة التي لا نورَ فيها للمعرفةِ..بل هي ومن سكنها ظلمة دامسة تفرس النور أين ما تجدهُ وتزرع في مكانهِ التعصب والعُمى والحروب والدمار، فنجلس أنا و وحوشي البشر الادنياء على إطلال البشر ونجني مالا ونحتسي شراباً نخب إنتصار الجهل على النور...
هذا أنا وهذا فعلي مع البشر ولسوف أبقى مابقيَ الليل والنهار مادام هناك من البشر الوحوش الذين يخدمونني خدمة خالصة لوجهِ منافعهم العابرة..لقد خدعتهم وهم بدورهم خدعوا إخوتهم، فدخلتُ عليهم من باب الدين وباب الاعراف وباب العلم ومن كل بابٍ..فهزمت البشر في كثير من الازمنة والامكنة، لكن الانسان ايضاً هزمني كثيراً بواسطة الانبياء والاحرار من بني نوعه، فأعتراف أن هناك ناساً يعرفونني كاملاً ويقومون بمحاربتي بكل شجاعة وتضحية وبفضل هولاء الاقوياء من البشر لم أستطع أن أوسع أنتصاراتي أكثر عليهم...
للکاتب الاستاذ علی عبدالحسین